حرب ضروس
بقلم: ماهر اللطيف
قُرعت طبول الحرب. اصطفّ الجنود استعدادًا للنزال. أُحضرت الآليات، صُفِّر في الطور، أُذِّن في المآذن، وهبّت التكبيرات تخترق هواء البلاد الملوّث. ارتقى الأئمة منابرهم، شحذوا الهمم، خطبوا كما لم يخطبوا من قبل، داعين الشعب للمضي قدمًا نحو نصرة الوطن.
نبضت القلوب بعنف، ارتجفت الأجساد، احمرّت الوجوه، تسارع الدم في العروق، وكثر ذكر الله. رُفعت الرايات، وأُعلن رسميًا عن بداية الحرب.
بسمل القائد الأعلى، تخلّى عن حيائه وخجله، مسح عرقه، أمر جنوده باتباعه بلا تردد ولا خوف. تقدّم بخطى واثقة، اجتاح الحدود، وأسقط كل من اعترض سبيله. معارك طاحنة دارت، تهاوت الأسوار، واحتلت المساحات تباعًا، حتى فتحت له الأبواب دون مقاومة.
وها هو الآن في قلب العاصمة، يحاصرها من كل الجهات، يشلّ حركتها، ويغلق منافذها، يقطع عنها الماء والهواء… ثم ولج القصر الملكي، باسماً، منتشياً، كأن النصر صار ملك يديه. ارتمى في أحضان الجالسة على سدة الحكم وقال:
أخيراً! أخيراً أنتِ لي يا مهجة الروح بعد حرب شعواء.
(والخجل يكسوها، بصوت خافت) من طلب العلا سهر الليالي… ما طاب العيش إلا أن ترى عجباً.
قاتلتُ كثيرًا لأجلك… لأبني قصة حب خالدة يستشهد بها كل عاشق.
(تضحك بدلال، ممسكة بيده) لم تُكمل الفتح بعد أيها الحبيب… ما زالت منطقة العقل عصيّة، صامدة، لم تستسلم لغزاة قبلك، ولن تستسلم بسهولة.
(يحدّق فيها بعزم) لا تخافي… سأنالها، طال الزمان أو قصر. لن تكوني لغيري. لن يفرّقنا إلا الموت، وإن كتب لنا القدر فلقاؤنا في الآخرة.
تبادل العاشقان مشاعر الودّ، خططا لتطويق هذا الحب وحمايته من أي غزو خارجي أو خيانة داخلية. لكن في خضمّ فرحته، تذكّر القائد كيف خان أنثى سبقت، وكيف بدّد حبّها الصادق بالكذب والخداع، حتى قطعت علاقتها به وتركته يلعق الهزيمة.
فهل يكون مخلصًا هذه المرّة؟ هل يحافظ على عهده، ويجعل من هذه الحرب ملحمة حبّ لا تُنسى؟ أم أنّ العقل سيبقى القلعة الأخيرة التي تعجز جيوشه عن اقتحامها؟
0 تعليقات